القدس عبر العصور
وقفة مع المكان والمكانة والمسمى
حتل القدس مكانة مرموقة عند كل أصحاب الديانات، فهي عند المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي عند النصارى مهد المسيح ومكان مولده، وهي عند اليهود المكان الذي عاش فيه ملكهم وبني فيه هيكلهم، وإليها سيعود المسيح حتى يقودهم إلى سيادة العالم– على حد زعمهم – وهي في نفس الوقت ذات طبيعة تجعل كل من يريد ملكا ومالاً يطمع فيها. وهذه إطلالة على مكان ومكانة ومسمى المدينة المقدسة.
أولا : الموقع والمساحة
تقع القدس على خط عرض 31.52 درجة شمالاً، وعلى خط طول 35.13 درجة شرق غرينتش، وتقع على هضبة ممتدة جنوب السلسلة الجبلية الفلسطينية على ارتفاع 750 مترًا فوق سطح البحر المتوسط وتبعد عنه 33 ميلاً، وعلى ارتفاع 1150 مترًا فوق سطح البحر الميت وتبعد عنه 15 ميلاً، وتنحصر المدينة بين تلين مستطيلين يسيران متوازيين من الشمال إلى الجنوب وسط هضبة اليهودية الوسطى، ولها أربع قمم أولها في الشمال الغربي وتسمة قمة أكرا وارتفاعها 790م، والغربية صهيون 777م، وفي الشرق قمة سوريا 744م أما في الشمال الشرقي فتقع صخرة بزيتا، وهي استمرار للتل الشرقي نحول الشمال.
وأثر هذا الموقع على مناخ مدينة القدس حيث يكثر المطر في أكتوبر وحتى مايو، ويندر بين سبتمبر ويونيو، ومتوسطه السنوي 25.5 بوصة، وبالقدس 18 مرصدًا لتسجيل الأمطار، وكثيرًا ما يتساقط الجليد من ديسمبر حتى مارس، ويندر في أبريل، ويتكون بكثرة في يناير ليلاً، لكنه يذوب نهارًا، والمدى الحراري من 25 ـ 102ف، ومتوسط درجة الحرارة في يوليو (الصيف) 77 ف وفي يناير 43 ف، ومدى الرطوبة الجوية كبير وفي الربيع والخريف تهب رياح السيردكو، التي تنفذ للمدينة المقدسة من الفتحة الجنوبية الشرقية آتية من صحراء موآب في الجنوب، وتسود الرياح الشمالية الغربية الجافة. لكن نسيم البحر يجلب معه الرطوبة إليها.
وقدرت مساحة المدينة سنة 1945 بحوالي 19 كيلو مترًا مربعًا.
وكان العرب يمتلكون منها قبل ـ 1948م ـ 88.5% من المساحة الكلية للمدينة، واليهود 11.5% فقط من القدس القديمة، وفي المدينة الجديدة كان للعرب 53.8% من المساحة ولليهود 26.1% وللحكومة الإنجليزية 2.9% ونسبة 17.1% طرق وميادين عامة وسكك حديدية.
ثانيًا : مكانة القدس
لم تحظ مدينة من المدن ولا مصر من الأمصار في العالم كله بما حظيت به مدينة القدس من المكانة العالية في نفوس كل أجناس البشر، فهي مدينة جمعت آثارًا مقدسة منذ أربعة آلاف سنة، وهذه الآثار كان لكل جنس من الأجناس حكاية مع أثر أو أكثر منها.
وتتناول في عجالة مكانة القدس عند كل من المسيحيين واليهود ثم عند المسلمين.
أولاً ـ عند المسيحيين:
للقدس مكانة مرموقة عند المسيحيين، فهي المكان الذي يحجون إليه، وبها ولد السيد المسيح، ولهم بها ارتباط روحي عال جدًا فقد عاش المسيحيون فيها منذ قرون عديدة تعود إلى زمن السيد المسيح فعندهم ما يسمى بدرب الآلام وهو مقدس عند كل الطوائف المسيحية لاعتقادهم أن السيد المسيح قد صار فيه حاملا صليبه عندما اقتاده الجنود الرومان لصلبه تنفيذًا لأوامر الوالي الروماني بيلاطس.
ويقودل د. ميخائيل مكسي إسكندر في كتابه (القدس وبيت لحم) .. دراسة جغرافية وتاريخية وأثرية يقول : (وقد تعرضوا ـ أي المسيحيين للمتاعب الكثيرة هناك ولا سيما من اليهود ومن غيرهم، وقد اغتصب الصليبيون - في الغزو الأوروبي لبيت المقدس – أملاك المسيحين العرب وكنائسهم، إلى أن أرجعها لهم القائد العربي صلاح الدين الأيوبي، الذي وثق في أمانتهم وأعطاهم دير السلطان، وكانت شئونهم الروحية تدار بمعرفة المطرانية السريانية، إلى أن تم رسامة أول مطران قبطي للقدس وتخومها سنة 1236م).
ومن ممتلكات الأقباط بالقدس :
1 ـ دير السلطان وبه كنيستا الملاك، والأربعة كائنات الروحية الغير متجسدة.
2 ـ دير أنبا أنطونيوس، شمال شرقي كنيسة القيامة، وبه كنيستان باسم القديسين أنطونيوس وهيلانة.
3 ـ دير مارجرجس بحارة الموارنة قرب باب الخليل.
4 ـ خان الأقباط للحج منذ عام 1829 في حارة النصارى.
5 ـ كنيسة العذراء بالجثيمانية (بجبل الزيتون).
6 ـ هيكل على جبل الزيتون.
7 ـ كنيسة باسم ماريوحنا، خارج كنيسة القيامة.
8 ـ هيكل باسم الملاك ميخائيل ملاصق للقبر المقدس من الغرب.
هذه الأملاك في مدينة القدس فقط وتوجد لهم أملاك أخرى خارج المدينة ليس هنا مكان ذكرها لالتزامنا بمنهج الدراسة.
ثانيا : عند اليهود :
ينقسم اليهود في مشاعرهم تجاه القدس إلى قسمين: الأول منهما يرى أنها مدينة عادية، بل ويمكن الاستغناء عنها بأخرى ومن هؤلاء زعيم الصهيونية نفسه تيودر هرتزل، حيث من الثابت أنه قبل اقتراح السياسي البريطاني الكبير (تشمبولين) في إعطاء اليهود وطنا قوميا في أوغنده بوسط إفريقيا، لولا أن غلاة الصهيونية ثاروا عليه، بل واعتدوا على مساعده (ماكس نوارداو) بالرصاص، واتهموا هرتزل نفسه بالخيانة لولا أنه تراجع تماما عن موقفه فتراجعوا هم أيضا.
الفريق الآخر هم الغلاة منهم وهم يرفعون دائمًا أصواتهم ويترنمون بنص من المزامير (مزمور 137/605) والذي يقول : (إن نسيتك يا أورشليم فلتشل يميني، وليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك، إن لم أرفع أورشليم على قمة ابتهاجي).
ولكن ومع ذلك فإن الجانبين لا مانع لديهم نهائيا أن يعتدوا على المدينة المقدسة بل يعتبرون القتل والذبح والتدمير فيها قربة إلى الله.
وأما أهم مقدسات اليهود في القدس :
فمن الثابت أنه ليس لليهود بالقدس سوى بعض الكُنس (مفردها كنيس) وهي حديثة البناء نسبيًا، وكذلك بعض القبور.
ويرجع تاريخ بناء أول كنيس إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وجميعها يقع في الحي اليهودي بالقدس القديمة، وهو الحي المعروف بحارة اليهود، ومنها، قدس الأقداس، طبرت إسرائيل، توماتوراة، بيت إيل، مدراش، طابية، مزغاب لاوخ)).
ولليهود مقبرة خاصة بهم فيها أربعة قبور مميزة وهي : قبر النبي زكريا، وقبر يعقوب، وقبر أبشالوم، وقبر يهوشافاط.
أما بالنسبة لحائط المبكى الذي يقدسه اليهود، فالاعتقاد السائد الخارجي عندهم أنه البقية الباقية من سور أورشليم القديم، وأنه الحائط الخارجي للمعبد الذي رجمه هيردوس (18ق.م)، ودمر جانبًا منه تيطس (70م)، وأتى على ما تبقى منه هدرياتوس (135م)، ويقوم اليهود بزيارته وتقبيله وقراءة بعض النصوص التوراتية والتلمودية إلى جواره، وكذلك البكاء على مجدهم الضائع.
ثثالثا:عن المسلمين
ارتبط المسلمون بالقدس ارتباطًا وثيقًا وعقائديًا ظاهرًا، وذلك لما لها من المكانة في دينهم، ولحث النبي (صلى الله عليه وسلم) على الرباط فيها وتذكيره (صلى الله عليه وسلم) بفضائلها ومما جعل للقدس هذه المكانة في نفوس المسلمين عدة أمور منها:
1 ـ أنها مدينة الإسراء والمعراج، وهذه الذكرى لها حب وارتباط عاطفي شديد في قلوب المسلمين، حيث كانت تسرية عن نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، والثانية أنها فرض فيها عليهم ركن من أركان دينهم وهو الصلاة، ولذا فهي تمثل جزءًا من عقيدة المسلمين.
2 ـ أنها أرض الأنبياء، والمسلمون يعتبرون أن ميراث كل الأنبياء هو ميراث لهم؛ لأن نبيهم هو النبي الخاتم، والإسلام حث المسلمين على أن يؤمنوا بهؤلاء الأنبياء السابقين لنبيهم، ولذا فكل مقدس عند أي ديانة أخرى أي خاص بنبي من الأنبياء هو مقدس كذلك عند المسلمين.
3 ـ القدس كانت قبلة المسلمين الأولى، والتي يتوجهون إليها وهم يعبدون ربهم.
4 ـ تبشير النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن أرض القدس هي أرض الرباط إلى يوم القيامة فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (يا معاذ إن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات. رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة).
وعن أبي إمامة الباهلي (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك، قالوا يا رسول الله: وأين هم ؟ قال بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).
5 ـ أن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر، ففي حديث ميمونة بنت سعد مولاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال أرض المحشر والمنشر.
6 ـ القدس عاصمة الخلافة الإسلامية القادمة:
عن ابن عساكر عن يونس بن ميسرة بن حابس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( هذا الأمر (يعني الخلافة) كائن بعدي بالمدينة، ثم بالشام، ثم بالعراق ، ثم بالمدينة ثم ببت المقدس فإذا كان بيت المقدس فثمة عقر دارها، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدًا).
ولهذه الأمور فقد ارتبط المسلمون بالمدينة المقدسة أيما ارتباط.
وعن آثار المسلمين هناك :
1 ـ المسجد الأقصى.
2 ـ مسجد قبة الصخرة.
3 ـ حائط البراق
4 ـ فضلا عن أن كل أرض القدس هي مقدسة عن المسلمين.
5 ـ وبالإضافة إلى أن كل آثار الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم هي مقدسة عند المسلمين كما سبق ذكره.
رابعًا: الأسماء القديمة للقدس:
تذكر معاجم الكتاب المقدس أقدم اسم للمدينة في (نصوص الطهارة) المصرية في القرن التاسع عشر قبل المسيح بصورة (يورشاليم) أو (أورشاليم) وقد يظن البعض أن (أورشاليم) اسم عبري، أو اسم اختاره العبريون لمدينة القدس، لكن الحقيقة المؤكدة على خلاف هذا تماما، فـ أورشاليم اسم كنعاني : من لغة كنعانية، واختاره لها الكنعانيون، ودخل عليه بعض التحريف على لسان العبرانيين، فهو في الأصل (أورسالم)، أي مدينة سالم، أو مدينة إله السلام، ولكن تحول السين إلى شين على لسان العبريين.
وقد أوردت آثار الأمم القديمة المكتشفة هذا الاسم بصور مختلفة، فالأواني المكتشفة من عهد سنوسرت الثالث (القرن 19 ق.م) تسميها (أورشاليموم)، ورسائل تل العمارنة (القرن 14 ق.م) تنطقها (يوروساليم) وأما مخطوطات سنحاريب الآشورية فقد أوردت اسم القدس هكذا : (يوروسليمو).
وقد سبق اسم (يبوس) إلى الوجود كل الأسماء التي حملتها المدينة، حيث نسبها البناة الأوائل إلى أنفسهم.
ومن الأسماء القديمة أيضا (القدس)، وقد ورد لدى المؤرخ والرحالة اليوناني الشهير هيرودوت (484 ـ 425 ق.م) هكذا : (قديتس).
وللقدس أسماء عديدة فهي : صهيون ، ومدينة داود ، وأريئيل، وموريا، وإيلياء وتنطق إيليا، ونادرا إليا، أو بيت المقدس، ولكل اسم من أسماء قصة وحكاية قلكثرة الغزاة على المدينة كثرت أسماؤها وتعددت فكل غاز كان يسميها باسم والجامع أو العامل المشترك بينهما هذه الأسماء أنها كلها مقدسة كل اسم كان مقدسا عند من أطلقوها وذلك دليل على مكانتها.
(جغرافيا القدس)
الجغرافيا الطبيعية لمدينة القدس
أولا: الموقع والأبعاد الجغرافية
تقع مدينة "القدس" على خط عرض "52َ 31ْ" شمال خط الاستواء وعلى خط طول "13َ 35ْ" درجة شرق خط جرينتش والمدينة ذاتها عبارة عن هضبة غير مستوية تماما يتراوح ارتفاعها ما بين 2130 و2469 قدما ويبلغ متوسط ارتفاع المدينة فوق سطح البحر من جهة البحر الأبيض المتوسط من اتجاه الغرب 2500 قدما و3800 قدم من جهة البحر الميت من اتجاه الشرق.. وتبعد المدينة عن البحر المتوسط حوالي 32 ميلا "نحو 55 كيلومترا" وحوالي 18 ميلا "ما يقارب 30 كيلومترا" عن البحر الميت ونهر الأردن شرقا و19 ميلا "ما يقارب 30 كيلومترا أيضا" عن مدينة الخليل جنوبا و30 ميلا "أي نحو 40 كيلومترا" عن السامرة أو سبسطية شمالا وتبعد عن البحر الأحمر في الجنوب نحو 155 ميلا أو حوالي 250 كيلومترا.
ثانيا: المناخ
1-الحرارة والرياح:
تقع المدينة في إقليم "المرتفعات" أحد الأقاليم المناخية الأربعة لفلسطين (الثلاثة الأخرى هي: وادي الأردن، النقب، وأخيرا إقليم السهول الساحلية) حيث ترتفع معدلات الأمطار السنوية والرطوبة في المدينة بسبب ارتفاعها عما يجاورها ويصنف مناخ المدينة على أنه من النوع "المتوسطي الجبلي".. ويبلغ متوسط درجة الحرارة في "القدس" سنويا نحو 17ْ درجة مئوية وتزل درجة الحرارة إلى أدنى مستوى لها في يناير حيث تصل إلى نحو 9.7ْ درجة مئوية وقد تنخفض شتاءا إلى ما دون الصفر (حتى خمسة درجات تحت الصفر) لذلك تتساقط الثلوج أحيانا على أعالي الجبال والتلال في المدينة وما حولها أما أقصى درجات الحرارة التي تصل إليها المدينة فهي ما بين 25ْ إلى 30ْ درجة في شهر أغسطس أما المعدل السنوي للحرارة في سفوح الحضيض فيتراوح ما بين 19ْ- 20ْ درجة مئوية.. وتتعرض المدينة تقريبا لكافة أنواع الرياح مثل الرياح الغربية والرياح الشمالية في فصل الشتاء وكذلك الرياح الشرقية والرياح الجنوبية التي غالبا ما تستمر في هبوبها ما بين يوم إلى ثلاثة أيام وأحيانا لفترات أطول وغالبا ما تكون محملة بالرمال والأتربة وتحمل كل ما يمكن تحريكه فضلا عن اقتلاعها الأشجار في بعض الأحيان كما قد تؤدي إلى اضطراب في عملية سقوط الأمطار وكميتها.
2-الأمطار:
يبلغ المعدل السنوي للمطر في "القدس" نحو 551 ملم ويسقط أعلى معدل شهري للأمطار في شهر يناير حيث يصل إلى 635 ملم أما أقل معدل لسقوط الأمطار فهو في شهر مايو حيث يبلغ المعدل نحو 2.7 ملم ويتراوح المعدل السنوي للمطر في سفوح الحضيض الغربية ما بين 450- 500 ملم ويهبط المعدل إلى ما بين 200- 350 ملم في منطقة برية "القدس" في أعالي السفوح المطلة على غور الأردن وهذه النسبة تكاد تكون قليلة بالنسبة لمتطلبات الزراعة وترتفع معدلات البخر في المدينة إلى نحو 1600 ملم في فصل الصيف وتهبط إلى نحو 550 ملم في فصل الشتاء مما يساعد على تكوين الجريان السطحي والفيضانات في الأودية التي تتجه إلى البحر المتوسط وكذلك في الأودية التي تتجه إلى غور الأردن.. لكن الجريان السطحي لا يستمر طيلة العام لارتفاع نفاذية الصخور الكلسية وتسرب المياه عبرها لتغذية الخزانات الجوفية التي تنبثق عنها الينابيع سواء في سفوح الحضيض الغربية أو في سفوح وبطون الأودية الشرقية في البرية.. ويتركز نحو 70% من المطر السنوي في "القدس" في فصل الشتاء الحقيقي (ديسمبر ويناير وفبراير) ولا يزيد عدد الأيام الممطرة عن 60 يوما سنويا مما يؤكد حقيقة التركيز الواضح في التوزيع المطري في "القدس".. ويمتاز هطول المطر على مدينة "القدس" بعدم انتظامه فالفترات ما بين أعوام 1854- 1873م و1924- 1936م كانت فترات جفاف وكان العام 1950/1951م من أكثر الأعوام جفافا منذ أن تم البدء في رصد الهطول المطري ومعدلاته في المدينة منذ عام 1846م حتى الوقت الحاضر.. وسقوط الثلج والبرد أمر طبيعي في "القدس" وقد بلغ ارتفاعه في فبراير من العام 1955م نحو 70 سم وهو أمر نادر الحدوث.. وبوجه عام قامت "القدس" على أرض جبلية صخرية وعرة وصيفها قليل الضباب وجوها جاف عموما مع ملاحظة طغيان صفة الاعتدال أو البرودة على فترات الليل في المدينة.
ثالثا: موارد المياه
لا يوجد في المدينة أنهار كبيرة وإن كانت تحيط بها مجموعة الابار وعيون المياه التي لمياهها صلاحية للشرب وتمثل عيون المياه والمطر موارد المياه الأساسية للمدينة والمدينة بوجه عام طيلة تاريخها تعتبر قليلة المطر وتتضخم فيها مشكلة التزود بالمياه لوقوعها على عدد من المرتفعات لا تتفجر بجوانبها الينابيع.. وأقرب منبع لها هو عين "أم الدرج" بالقرب من "سلوان" جنوبي شرق "القدس" ولذلك اعتمدت المدينة منذ تاريخها الأول على تخزين مياه الأمطار في برك وآبار وعلى عد من العيون الطبيعية والآبار القليلة مثل "أم الدرج" وبئر "أيوب" و"البركة الحمراء".
1. "عين سلوان".. العين والقرية:
وهي من أشهر عيون المياه التي تمد مدينة "القدس" باحتياجاتها منها وتعرف بالعديد من الأسماء منها عين "جيحون" وعين "أم الدرج" وعين "العذراء".. وتقع العين على مسافة ثلاثمائة مترا من الزاوية الجنوبية الشرقية للحرم وقد ذكرها الرحالة كثيرا في كتبهم منذ وقت مبكر من التاريخ وذهب البعض إلى أن مياهها قادرة على شفاء الأمراض وأنها قريبة في قدسيتها من مياه بئر "زمزم" وقد قام الخليفة "عثمان بن عفان" "رضي الله عنه" بوقف مياه العين على فقراء مدينة "القدس" ويقال إنها أيضا وقف لأحد خلفاء بني أمية.. وقد أعطى الصليبيون أهمية خاصة لعين الماء هذه خلال فترة احتلالهم للمدينة (1099- 1187م) لاعتقادهم أن السيدة "مريم العذراء" قد قامت بغسل ملابس السيد "لمسيح" "عليه السلام" وهو صغير وقد أطلق المقدسيون على عين المياه هذه اسم "عين أم الدرج" لأن الوصول إليها يتم عن طريق درج أو سلم.. أما مدينة "سلوان" نفسها فهي قرية فلسطينية شهيرة كانت تتبع "القدس" قديما إلا أن الإسرائليين قاموا بعد حرب يونيو من العام 1967م بضمها بشكل كامل إداريا وبلديا إلى "القدس" فأصبحت إحدى أحياء المدينة وتقع "سلوان" جنوب سور الحرم القدسي الشريف وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مجموعة من عيون المياه والتي يقال عنها أن السيد "المسيح" (عليه السلام) أمر رجل أعمى أن يغتسل فيها ليبرأ ففعل الرجل فعاد إليه بصره.. وبالإضافة إلى عيون "سلوان" وعين "أم الدرج" هناك بئر "أيوب" الذي يقال أن الذي قام بحفرها هو نبي الله "أيوب" (عليه السلام) وجدد بنائها "صلاح الدين الأيوبي".. وتشتهر قرية "سلوان" بزراعة الزيتون وينحدر سكانها العرب من أصول مصرية وأردنية وحجازية ومن أشهر عائلاتها "أبو خاطر" و"أبو عليان" و"طوقان" و"العباسي".
2. برك "سليمان" أو سبيل "بركة السلطان":
وتنسب إلى السلطان العثماني "سليمان القانوني" فقد أنشئت في عهده في عام 943هـ أي تقريبا في عام 1526م وذلك لسقاية المارين به والسبيل له واجهة حجرية ذات شكل مستطيل وفي أسفلها صنبور مياه.
3. نهر "جيحون":
مجرى مائي يوجد في وادي "جهنم" أو وادي "قدرون" بمدينة "القدس" وهو نفس الوادي الذي توجد به عين "سلوان" وتسقي مياه هذا النهير الصغير مع مياه العين أرض هي من أخصب أراضي فلسطين.
4. عين "العذراء":
هي نبع ماء قديم يقع في وادي "ستنا مريم" في شرق مدينة "القدس" وورد ذكره في التوراة باسم "جيحون"- بخلاف نهير "جيحون" سالف الذكر- ويعرف اليوم باسم عين "العذراء" ومنه نشأت عين "سلوان" ولعل هذه العين- عين "العذراء"- هي السبب في نشأة مدينة "القدس" في مكانها الحالي.
5. جدول "عين كارم":
يبدأ في جبال "القدس" عند قرية "عين كارم" ويسير من الاتجاه القادم من جنوبي غربي المدينة وحتى أودية المدينة ذاتها من جهة الغرب.
وتعتبر البرك المنزلية من أهم مصادر تموين سكان "القدس" باحتياجاتهم من المياه وهي عبارة عن خزانات أو صهاريج أرضية تساق إليها المياه لخزنها.. وإلى جوار البرك المنزلية والعيون والآبار هناك برك عامة ظلت كمعالم حضارية للمدينة لآلاف السنين مثل: بركة "حاملا" وبركة "السلطان" وبركة "حزقيا".
كذلك هناك مجموعة من العيون في مجموعة من الأدوية المختلفة مثل وادي "العروب" ووادي "البيار" و"البالوع" إذ تتفجر عيون المياه وتصب في برك "سيلمان" أما عين "عطافي" فتسيل رأسا في قناة سبيل "السلطان سليمان القانوني".
وطيلة التاريخ حاول سكان "القدس" التغلب على مشكلة قلة موارد المياه وندرتها وحينما احتل الرومان المدينة قبل ميلاد السيد "المسيح" (عليه السلام) فكروا في إمدادها بماء عيون وادي "العروب" ومن أجل ذلك أنشأوا قنوات مائية شيدت في الصخر وذلك أيام الإمبراطور "هيرودوس" الكبير (30 ق.م) وقد استمر استعمال هذه القنوات على يد العرب والمماليك والأتراك في العهد الإسلامي حيث اهتم المسلمون بمسألة اهتمام المدينة بالمياه.
أما في عهد الانتداب البريطاني على المدينة (1917- 1948م) قام الإنجليز بجلب مياه "العروب" إلى المدينة في أنابيب وظلت "القدس" تحصل على مياهها أيضا من بركة "سليمان" حتى عام 1926م بعدها سحب الماء من عين "فارة" على بعد 14 كيلومترا شمال شرقي المدينة وفي عام 1931م أخذت المدينة تتزود بالمياه من عين "الغوار" على بعد 6 كيلومتر من "فارة" إلى الشرق وعين "القلط" في وادي "العروب" نفسه وقد بلغ معدل تصريفه عام 1934م نحو 6 ملايين مترا مكعبا.
وفي عام 1935م تحولت المدينة إلى التزود بالمياه من نبع "ريش" وهو رأس النبع على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة "القدس".. وقد بلغ معدل تصريفه اليومي عام 1945م نحو 1.7 مليار جالون واستمر هذا الوضع حتى عام 1948م عندما أغلق الأنبوب وحرمت المدينة من هذا المصدر المائي المهم فزودت بالمياه من برك "سليمان" وعين "فارة" مرة أخرى وبعد تقسيم المدينة في حرب 1948م ربطت "القدس" بشبكة المياه الإسرائيلية بأنبوبين وبعد ضم "القدس الشرقية" في أعقاب عدوان يونيو 1967م قاموا بحفر نحو تسعة آبار لتزويد المستوطنات اليهودية المحيطة بـ"القدس العربية" بالمياه ثم جرى ربط "القدس العربية" بشبكة المياه الإسرائيلية.
الزراعة والمنتجات الزراعية في "القدس"
قد يصل معدل السقوط المطري على مدينة "القدس" في بعض الأحيان إلى نحو 600 ملم موزعة على موسم الشتاء الحقيقي الذي تمر به المدينة (ديسمبر/فبراير) والكثير من الأودية والتلال والقرى التي تتخللها موارد المياه يسرت ظهور مناطق الزراعة التي وفرت للسكان حاجاتهم من الحبوب والفواكه والخضروات.. ومن تلك المناطق تلك المنطقة المحيطة بقرية "سلوان" حيث بركة أو عيون "سلوان" وعين "أم الدرج" أسفل سفح جبل "صهيون" في وادي "جهنم" إذ تقوم على البركة وعلى المجرى المائي لنهر "جيحون" في نفس الوادي الكثير من الزراعات فهذه المنطقة كما سبق القول هي من أخصب أراضي فلسطين وقد تزرع أربع مرات سنويا لتوافر المياه الضرورية للزراعة والري إضافة إلى حقول القمح التي كانت تم الحجاج المسيحيين يقتاتون عليه بمساعدة مزارع الشعير كما كانت عامر ببساتين الفاكهة قديما (التين والعنب والجوز والموز".
والقرى الواقعة حول "القدس" لديها ما يكفي من موارد المياه لحاجاتها من الزراعة فهناك عن ماء "العذراء" في وادي "جهنم" أو "قدرون" والتي تدعى بئر "أيوب" وعين "أم الدرج" أو بئر "مريم" كذلك هناك عين "اللوزة" بالإضافة إلى مياه الأمطار كما أن في المسافة بين "القدس" و"الخليل" مجموعة من القرى فيها الكثير من الأشجار البرية والحدائق والبساتين مزروعة بفواكه كالتين والعنب والزيتون.
وقد ينبت على التلال المحيطة بمدينة "القدس" وبخاصة على السفوح والمنحدرات حشائش وأعشاب تصلح لرعي الحيوانات ولكن أساس هذه المناطق هي أراضي وأقاليم زراعية شديدة الأهمية اشتهرت بأسماء المحاصيل التي تزرع بها ومن بينها "تل الفول" الذي يبعد نحو 5 كيلومترات عن بوابة "دمشق"- إحدى بوابات "القدس"- وإلى الشمال منها من جهة الطريق إلى نابلس.
ويلفت الأنظار كثرة المناطق المزروعة بالزيتون في الجبال المحيطة بالمدينة وبخاصة جبل "الزيتون" ومن بين الأشجار القديمة والمثمرة في "القدس" أشجار الكروم التي تزرع على امتداد الأراضي الممتدة على الجبال والتلال على امتداد الوادي المتجه إلى مدينة "الخليل".. وبكثرة أقل توجد أشجار التين والتفاح والمشمش والرمان والموالح وبخاصة البرتقال والليمون الحلو بجانب الخروب والفستق والموز بالإضافة إلى نخيل البلح.
وعرفت "القدس" في المناطق التي تعرف وفرة في مياه الري زراعات كثيفة المياه مثل القطن وقصب السكر والفول والبصل والكرنب وبعض الخضروات.
خامسا: التكوين الجيولوجي لمدينة "القدس" وطبيعة التربة فيها
- التكوين الجيولوجي:
تعتبر جبال "القدس" نجدا نافرا مكونا من عدد من الطيات المحدبة والصدوع وتشكل منطقة "القدس" الفجوة بين محدب "الخليل" الإقليمي في الجنوب وبين طيات "نابلس" في الشمال وكلاهما يزيد معدل ارتفاعه عن جبال "القدس" ما بين 100 إلى 200 مترا وقد سهلت الفجوة الأرضية التي تشغلها المدينة المقدسة من عملية اتصال البحر بالداخل كما أن مناطق تقسيم المياه التي تشغلها منطقة "القدس" قد سهات العبور بين الشمال والجنوب.
وقد تعرضت الطبات الصخرية في الجانب الشرقي من المدينة إلى التصدع بفعل عدد من الصدوع السلمية فظهرت حافات صدعية حيث تهبط الأرض تدريجيا من منسوب 800 متر فوق سطح البحر إلى ما دون سطح البحر في الغور.. وفي الجانب الغربي تهبط الأرض تدريجيا باتجاه الساحل ولا يزيد ارتفاع سفوح الحضيض المسماه باسم "الشقيلة" عن 300 مترا.
ويطغى على التكوينات الصخرية الحجر الجيري أو الكلس والدولومايت التي تعد من الأنواع الصلبة التي تقاوم عوامل التعرية إلا أنها تتأثر بالإذابة الكيميائية على نطاق وتتخللها طبقات الطباشير والمارل التي تتأثر بالإذابة الكيميائية كما أنها بخلاف التكوينات سالفة الذكر تشكل تكوينات لينة سهلة الحت استغلت في إنشاء المصاطب الزراعية لحماية التربة من الانجراف ولتسهيل عملية قيام زراعة مطرية مثل الكروم والزيتون والحبوب واللوزيات والخضروات.
وأثناء دورة التعرية المائية تعرضت جبال "القدس" إلى التقطع بفعل الأودية المتجهة إلى البحر مثل وادي "الصرار" ونهر "روبين" والأودية المتجهة إلى الغور مثل وادي "القلط" ووادي "النار" وغيرها.. وأثناء الحركات التكوينية في عصر "البلايستوسين" أو العصر الجيولوجي الثالث تجدد النشاط الحتي لشبكات التصريف المائي مما زاد في تقطع الحافات الصدعية المطلة على الغور وتزايدت وعورتها وكذلك تمزيق جبال "القدس" المواجهة للساحل في الغرب مما أعطاها شكل أو منظر التكوين الجبلي التلالي مثل جبل "الزيتون" وجبل "المشارف" أو جبل سكوبس" شرقا وجبل المكبر "جنوبا".
وقد انجرفت كميات كبيرة من التربة من السفوح إلى بطون الأودية وروافدها بحيث وفرت تلك التربة مناطق زراعية وأقاليم بيئية مستقلة منذ فجر التاريخ وقد عمقت المجاري المائية أوديتها دون مستوى الطبقات الحاملة للمياه مما أدى إلى تفجر الينابيع على جانبي جبال "القدس" واستغلت مياه الينابيع هذه في الأغراض المنزلية وزراعة الحدائق والزراعة المروية على السفوح.
وقد نشطت عمليات التجوية الكيميائية خلال القسم المطير من عصر "البلايستوسين" فنتج عن ذلك سهل "الجيب" بين "القدس" و"رام الله" والذي شيد عليه مطار "قلندية".. ويؤكد توافق مستويات القمم بالنسبة لجبال "القدس" على أنها بقايا سطح تحاتي قديم وقد أدى التحات التراجعي الصاعد لحوض وادي "الصرار" ونهر "روبين" في منطقة "القدس"- بسبب وفرة الأمطار في العصر المطير والزمن الراهن- إلى تراجع العامل المائي الأصلي الذي يفصل بين الأودية الغورية وأودية البحر المتوسط بمعدل من 10 إلى 12 كيلومترا شرقا على حساب أحواض الأودية الغورية التي تقطع الحافة الصدعية.
2- طبيعة التربة والنبات الطبيعي في "القدس":
تتباين التربة وخصائصها في منطقة "القدس" حسب الصخر الأصلي الذي اشتقت منه فحيث يسود الكلس ترتفع مركبات كربونات الكالسيوم في التربة وحيث يسود الدولومايت ترتفع مركبات الماغنسيوم إضافة إلى كربونات الكالسيوم في التربة وتشكل السيليكا حوالي 50% من مكونات التربة في منطقة "القدس" ومن 10- 15% من الحديد والألمنيوم ويعطي الحديد التربة لونها الأحمر وتذوب مركبات الكالسيوم في مياه الأمطار متجهة إلى السفوح الدنيا أو تتسرب مع المياه في الشقوق وتبقى مواد السيليكا والحديد والألمنيوم وتتجمع على شكل مواد صخرية للتحول إلى تربة حية لاحقا.
وتسود تربة "الرندزينا" ذات اللون الكستنائي (اللون البني المصفر أو الأبيض الرمادي) على سفوح الحضيض الغربية حيث تظهر الصخور الطباشيرية وتعد هذه التربة غنية بالكالسيوم والمواد العضوية لذلك فهي خصبة الحراثة ونظرا لقلة تعرضها على سفوح الحضيض لعمليات التعرية المائية والانجراف فإنها سميكة نسبيا وتغلب الأراضي الحجرية على تربة برية "القدس" وسفوح الحافات الصدعية لذلك تستغل هذه الأراضي في الرعي منذ عهود بعيدة.
أما النباتات الطبيعية في منطقة "القدس" فتعد نموذجا لأحراج البحر المتوسط بأشجارها دائمة الخضرة كالبلوط وذلك حيث ترتفع مناسيب الأرض عن 300 مترا فوق سطح البحر وفي الأرض التي يقل منسوبها عن ذلك مثل سفوح الحضيض أو برية "القدس" فتسود أشجار الخروب والنباتات الشوكية والشجيرات الكثيفة.
سادسا: الجغرافيا الطبيعية لمدينة "القدس
تعني الجغرافيا الطبيعية لأية مدينة أو أي مكان ما تحتوي/يحتوي عليه من ظواهر طبيعية مثل الجبال والوديان والتلال وغير ذلك من التكوينات التي نشأت بفعل عوامل الجيولوجية ولا دخل للإنسان أو النشاط البشري العادي أو غير العادي فيه.. وبالنسبة للقدس فإن هناك أربعة ظواهر طبيعية أساسية تميزها بخلاف عيون المياه التي سبق ذكرها وهي: أولا الجبال وثانيا التلال وثالثا الوديان وأخيرا الخرب ونعرض لها جميعا فيما يلي:
- جبال "القدس" وما حولها:
أولا أقيمت مدينة "القدس" على أربعة جبال هي: جبل "الموريا" وجبل "صهيون" وجبل "أكرا" وجبل "بزيتا" وهي ليست إلا آكام مستديرة على هضبة عظيمة بينها أودية جافة أكثر أيام السنة.. ثم يحيط بهذه الجبال الأربعة عدة جبال أخرى من أهمها جبل "الزيتون" وجبل "رأس المشارف" وجبل "السناسية" وجبل "المنظار" وجبل "النبي صموئيل" وجبل "أبو عمار" وجبل "المكبر" وجبل "بطن الهوا".. ونستعرضها كما يلي:
· جبل "الموريا" (جبل "بيت المقدس"):
هو الجبل الذي بنى عليه العرب اليبوسيون مدينة "القدس" أول مرة ويعرف باسم هضبة الحرم إذ يحتضن الحرم القدسي الشريف بمساجده ومواقعه التاريخية وكلمة "الموريا" تعني "المختار" في اللغة العبرية القديمة.. وقد ورد اسم "موريا" في سفر "التكوين" من التوراة في الإصحاح "22" الآية الثانية في قصة الذبيح حيث حدد الله سبحانه وتعالى طبقا للتوراة هذا المكان ليقوم فيه خليل الرحمن تعالى "إبراهيم" (ص) بذبح ابنه وإن كان اليهود على خلاف في موضع هذه القصة فاليهود "السامرا" يرون أن الحادثة كانت على جبل "جرزيم" بالقرب من "نابلس" حيث قام أقدم هيكل لبني إسرائيل وقد أبطله نبي الله "داوود" (عليه السلام) بعد أن نقل عاصمته إلى "القدس" أما سائر الطوائف اليهودية الأخرى فتزعم أن هذه الحادثة كانت على جبل "موريا" وعلى الصخرة الشريفة على وجه التحديد.. ويبلغ ارتفاع هذا الجبل حوالي "2440" قدما وقد أسماه المؤرخ اليهودي "يوسيفوسيس" بالمدينة العليا في مقابل المدينة السفلى التي هي القسم الجنوبي من الهضبة الشرقية لمنطقة "القدس" في موضع "حصن صهيون".
· جبل "صهيون":
وهو جبل يقع في الجنوب الغربي من مدينة "القدس" أقام عليه العرب اليبوسيون حصنهم الذي بقي في أيديهم حتى سيطر عليه نبي الله تعالى "داوود" (عليه السلام) وسماه "مدينة داوود" ونقل إليه مقر حكمه وذلك في السنة الثامنة من ملكه وقد أطلق مسمى "صهيون" على المدينة في فترة من الفترات وتعني كلمة "صهيون" (المشمس أو الجاف) في اللغة العبرية وكان هذا الجبل يعرف باسم "الأكمه" أو "أوفل" طبقا لما جاء في عدد من أسفار التوراة ومن بينها "الملوك الثاني 5/24" و"الأخبار الثاني 27/3 و33/14" و"أشعيا 32/14" و"ميخا 4/8" وفي موضع حصن "صهيون" أنشا السلوقيون في عهد الملك اليوناني السلوقي "انتيخوس الرابع" أو "أبيفانوس" الذي حكم الشام من سنة 175 إلى سنة 164 ق.م قلعة عرفت باسم "أكرا".. ويبلغ ارتفاع جبل صهيون 2550 قدما فوق سطح البحر وينحدر باتجاه وادي "قدرون".
· جبل "أكرا":
هو أحد جبال "القدس" الأربعة ويقع إلى الشمال الشرقي من جبل "صهيون" أي أن "أكرا" يقع بدوره في الجنوب الغربي من المدينة إلى الداخل أو نحو المدينة ذاتها ويفصل بذلك بين جبل "صهيون" وبين "القدس" وعلى جبل "أكرا" تقوم كنيسة القيامة التي هي أقدس بقاع الأرض بالنسبة للطوائف المسيحية كافة.
· جبل "بزيتا":
وهو أحد جبال "القدس" ويقع بالقرب من باب "الساهرة" أحد أبواب المدينة والذي بني إبان حكم السلطان العثماني "سليمان القانوني" ويعرف الآن باسم باب هيرودوس" ويقع في الجانب الشمالي من سور المدينة المقدسة ويعتبر امتدادا بشكل أو بآخر لجبل "صهيون" حيث أطلق "أبيفانوس" على قلعته في جبل "صهيون" اسم "أكرا" والتي أخذ هذا الجبل اسمه عنها.
· جبل "الزيتون" (أو جبل "الطور"):
هو جبل يشرف على مدينة "القدس" بشطريها القديم والحديث ويرتفع عن سطح البحر بمقدار 826 مترا وتقع أسوار الحرم القدسي الشريف في مواجهته من الشرق ويفصله عن "القدس" وادي "قدرون" ويسمى العرب هذا الجبل باسم آخر هو جبل "الطور" واسمه الأول مأخوذ من شجر الزيتون الموجود عليه بكثرة واشتهر عند اليهود باسم جبل "المسح" أو جبل "التتويج" حيث يعتقدون أن الزيت المقدس الذي كان يتم به تتويج ملوكهم كان مستخلصا من زيتونه كما كانوا يحقرون عليه بقرة القربان الحمراء ويستخدمون رمادها في تطهير الهيكل إذا ما دنسه شيء وفوق هذا الجبل تقع مدينة تسمى بمدينة "الطور".. ويقال أن نبي الله تعالى "عيسى بن مريم" (عليه السلام) كان يلجأ إليه هربا من أذى اليهود وأنه (عليه السلام) رفع من فوقه إلى السماوات السبع وقد حطت معظم الجيوش التي أتت إلى فتح المدينة عبر التاريخ فوق هذا الجبل ويوجد فيه مدافن شهداء المسلمين وأعلامهم منذ عهد سيدنا "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) ويقال إن به مقبرة "رابعة العدوية".
· جبل "رأس المشارف":
هو جبل يقع شمال مدينة "القدس" وسمي بهذا الاسم لإشرافه عليها حيث يشرف على طريق "القدس- رام الله" وهو امتداد طبيعي لجبل "الزيتون" من جهة الشمال الشرقي وحتى الشمال ويفصل بينهما منخفض يسمى بـ"عقبة صوان" ويفصل "وادي الجوز" بين "جبل المشارف" ومدينة "القدس".. ويبتدئ هذا الجبل من شمالي "شعفاط" وينتهي بجبل "الزيتون" ويرتفع عن سطح البحر بنحو 850 مترا ويسمى كذلك هذا الجبل بجبل "المشهد" وجبل "الصوانة".. وقد أقام القائد الروماني "تيطس" عام 70م معسكره عليه عندما قام بغزو "القدس" حيث قام بهدم الهيكل السليماني الثاني وتدمير المدينة المقدسة تماما كما أقام الصليبيون عام 1099م تقريبا معسكراتهم عليه بعد غزو المدينة ويطلق الأوروبيون على هذا الجبل اسم "سكوبوس" وتعني باليونانية "الملاحظ أو المراقب" بينما يسميه اليهود "هار هاتسوفيم" وهي ترجمة عبرية لاسمه باللغة العربية "المراقبون".. وقد أقام عليه اليهود "الجامعة العبرية" عام 1925م.
· جبل "السناسية":
يقع إلى الجنوب الغربي من قرية "وادي فوكين" ويبلغ ارتفاعه نحو 735 مترا فوق سطح البحر.
· جبل "المنظار":
وهو أحد جبال "القدس" ويقع جنوبي شرق المدينة عند دائرة عرض "44َ 31ْ" درجة بارتفاع 524 مترا عن سطح البحر.
· جبل "النبي صموئيل":
وهو جبل يقع على بعد 5 أميال شمالي غرب "القدس" ويبلغ ارتفاعه 885 مترا وتقع قرية "الجيب" في شماله وهو أعلى القمم الجبلية الموجودة بالقرب من بيت المقدس وينسب إلى القاضي "صموئيل" أحد قضاة بني إسرائيل ممن حكموهم في عصر القضاة في القرن السابق قبل الميلاد.
· جبل "أبو عمار":
من جبال "القدس" ويبلغ ارتفاعه نحو 773 مترا فوق سطح البحر عند دائرة عرض "44َ 31ْ" وخط طول "50َ 35ْ".
· جبل "المكبر":
وهو أحد جبال بيت المقدس الشهيرة وله ذكرى مهمة لدى المسلمين حيث صعد إليه أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) وهو في طريقه إلى تسلم مفاتيح "القدس" من الأنبا "صفرونيوس" وكان مع عمر مجموعة من الصحابة وأشراف المسلمين وقد وقف الخليفة "عمر بن الخطاب" على الجبل ليؤذن ومن هنا جاء اسم الجبل "المكبر".
· جبل "بطن الهوا":
وهو امتداد لـ"جبل الزيتون" ويقع في الزاوية الشرقية للقدس حيث يفصله عنها وادي سلوان الذي يتصل بوادي قدرون في النقطة نفسها ويعرف عند اليهود باسم "هار هامشحيت" أو "الجبل الفاضح".
2- تلال "القدس" وما حولها:
هناك مجموعة من التلال متوسطة الارتفاعات التي تقع بداخل وحول المدينة ومن أهمها: تل "الغول" وتل "الكابوس" وتل "النصبة" وتل "القرين" وتل "صرعة" وتل "شلتا".. ونستعرضها كما يلي:
· تل "الغول":
من تلال المدينة ذاتها ويقع على بعد 6 كيلومتر إلى الشمال من مدينة "القدس" ويبلغ ارتفاعه عن البحر نحو 839 مترا وكانت تقوم عليه مدينة عربية كنعانية قديما.
· تل "الكابوس":
ويقع على بعد نحو 8 كيلومترات شمال شرقي مدينة "القدس" عند دائرة عرض "49َ 31ْ" وخط طول "18َ 35ْ".
· تل "النصبة":
ويقع على بعد كيلومترين جنوبي مدينة "البيرة" التابعة لقضاء "القدس" عند دائرة عرض "53َ 31ْ" وخط طول "12َ 35ْ" وقديما كانت تقع عليه مدينة "الصفاة" العربية الكنعانية.
· تل "صرعة":
من تلال المدينة ويقع غربي جبال "القدس" عند قرية "صرعة" وإلى الشمال من قرية "دير رافات" وإلى غرب قرية "عرطوف" عند دائرة عرض "47َ 31ْ" وخط طول "59َ 34ْ".
· تل "شلتا":
وهو تل مقدس يقع في جبال "القدس" غربي قرية "بلعين" بالقرب من قرية "شلتا" عند دائرة عرض "55َ 31ْ" وخط طول "1َ 35ْ".
3- أودية "القدس" وما حولها:
هناك عدد كبير من الأدوية التي توجد في منطقة "القدس" وحول المدينة وأهمها وادي "جهنم" ووادي "الجوز" ووادي "الجبانة" ووادي "الأرواح" والوادي "الكبير" ووادي "القلط" ووادي "مكلك" ووادي "مقطع الجص" ووادي "النار" ووادي "التعامرة" ووادي "زيتا" ووادي "الصرار" ووادي "هنوم" ووادي "قدرون".. ونستعرضها كما يلي:
· وادي "الصرار":
ويسمى أيضا بوادي "روبين" ويمتد بين منطقة "القدس" شرقا ويافا غربا ويربط جبال "القدس" بالسهل الساحلي ووادي "الصرار" يحمل هذا الاسم حتى يصل إلى قريتي "المغار" و"قطرة" فيحمل هناك اسم وادي "قطرة" وبعد منطقة "تل السلطان" يعرف باسم نهر "روبين" ويبلغ طول الوادي حتى آخره نحو 76 كيلومترا.
· وادي "جهنم" أو وادي "قدرون" أو (الوادي الشرقي):
يبدأ هذا الوادي على بعد ميل ونصف الميل إلى الشمال الغربي من المدينة- 2500 متر- حيث يسير أولا على الشرق حتى يصل إلى الزاوية الشمالية الشرقية من سور المدينة ثم ينحرف بعد ذلك بميل حاد تجاه الجنوب فينحدر بين سور المدينة من الجانب الغربي وبين جبل "الزيتون" وتل "الزيتون" وتل "المعصية" من الجانب الشرقي حتى يلتقي مع وادي "هنوم" المنحدر من الغرب بعدها ينحدر المجرى الموحد على "مارسابا" المسمى بوادي "الراهب" ثم يمتد إلى البحر الميت حيث يسمى بوادي "النار" وكان يعرف قديما باسم "الوادي الأسود" كما كان يسمى بوادي "يهوشفاط" ويبلغ طول هذا الوادي نحو كيلومترين ويبلغ ارتفاعه فوق سطح البحر حوالي 2179 قدما.. ويقال إن نبي الله تعالى "عيسى بن مريم" (عليه السلام) رفع منه وفيه مصلى "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) وقبور الأنبياء و"قدرون" اسمه القديم وأسماه العرب أيضا بوادي "النار" ووادي "سلوان".
· وادي "هنوم" أو (الوادي الغربي):
ينحدر رأسا إلى الجنوب من شمال غربي المدينة ثم ينعطف شرقا بعد وصوله إلى حد المدينة الجنوبي حتى يتصل بـ"الوادي الشرقي" (قدرون) عند الموضع المعروف باسم "بئر أيوب" ويسمى هذا الوادي أيضا بوادي "السلوان" حيث اسم النبع الموجودة فيه كما يعرف كذلك بوادي "بني هنوم" نسبة إلى قبيلة كان يسمى بها الوادي قبل وجود بني إسرائيل على نحو ما ورد في العهد القديم في أسفار "يشوع" و"نحميا" و"الملوك الثاني" وغير ذلك كما كان الجزء الجنوبي الشرقي من هذا الوادي يسمى "توفة" أو "وادي القتل" كما ورد في التوراة عنه ويصل ارتفاع هذا الوادي إلى ما يقرب من 2099 قدما فوق سطح البحر.
· وادي الجبانين = الجبانة (صانعي الجبن):
يمتد هذا الوادي من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي من مدينة "القدس" حيث يتصل بوادي "سلوان" الذي يتصل بوادي "قدرون" شرقا ويقسم هذا الوادي المدينة إلى قسمين مؤلفين من هضبتين مستطيلتين الغربية يحدها وادي "هانوم" من الغرب والشرقية يحدها وادي "قدرون" من الشرق.. ويسمى وادي "الجبانة" في الجزء الجنوبي الغربي من "القدس" بوادي "الزبالة" وهذا الوادي مطمور الآن كما ردم جزء منه في أعمال توسعة لجبل "صهيون" وللحرم القدسي الشريف الواقع على جبل "الموريا" أو "هضبة الحرم الشريف".
· وادي "الأرواح" ويعرف أيضا بوادي "العفاريت":
ويلتف هذا الوادي حول جبل صهيون من الغرب وحتى أقصى الجنوب وتوجد به مدافن الموتى وقد ورد هذا الوادي في سفر "يشوع 15/8" باسم وادي "الرفائيم" أي وادي "العفاريت" باللغة العبرية.
· وادي "الجوز":
ويطلق عليه أحيانا اسم "الوادي الشرقي" أيضا لأنه يبدأ شرقي مدينة "القدس" ثم يتجه جنوبا حتى ينتهي بوادي "قدرون" الذي يصب في البحر الميت كما سبق الإشارة عند دائرة عرض "42َ 31ْ" وخط طول "35َ 20ْ" وهو يفصل بين سور المدينة الشرقي وبين جبل "الزيتون" وجبل "بطن الهوا" ويبلغ طول الوادي 2 كيلومتر وهو عميق سريع الانحدار.
· "الوادي الكبير":
ويبدأ من شمال "اللطرون" في جبال "القدس" ثم يتجه إلى الشمال الغربي مارا بشمال "اللد" ثم يلتقي بنهر "العوجا" عند حريسة.
· وادي "القلط":
يبدأ شمال شرقي "القدس" على قرب من قرية "العيسوية" ثم يتجه إلى الشمال الشرقي مارا بمدينة "أريحا" ثم يصب في نهر الأردن شرقي "عين حجلا" عند دائرة عرض "5ً 49َ 31ْ".
· وادي "مكلك":
يبدأ شرقي "القدس" ثم يتجه شرقا حيث يصب في شمال البحر الميت بالقرب من قرية "كاليا" عند دائرة عرض "43َ 31ْ" وخط طول "28َ 35ْ".
· وادي "مقطع الجص":
يبدأ عند قرية "بيت فجان" من قضاء "القدس" ثم يتجه إلى الجنوب الشرقي حتى يتصل بوادي "المشاش" ويصبان معا تحت اسم "درجة" في الشاطئ الغربي للبحر الميت عند دائرة عرض "34َ 31ْ" وخط طول "24َ 35ْ".
· وادي "التعامرة":
يبدأ في جبال "القدس" إلى الجنوب الشرقي عند "المشاش" عند دائرة عرض "37َ 31ْ" وخط طول "20َ 35ْ".
· وادي "زيتا":
ويبدأ غربي جبال "القدس" شرقي "بيت جبرين" ثم يتجه إلى الشمال الغربي ثم يلتقي بوادي "صفرين" أو "لخيش" عند دائرة عرض "42َ 31ْ" وخط طول "41َ 34ْ""
سابعا: أهم الطرق التي تربط مدينة "القدس" بباقي مدن فلسطين.
هناك طريقان رئيسيان يربطان القدس بمدن فلسطين والبلدان العربية المجاورة وهما: